الصلة بين العنف ضد البشر – و العنف ضد الحيوان و قيمة التعليم الإنساني
الإعتداء على الحيوانات و العنف ضد البشر متصلان
أثبتت الدراسات العلمية الصلة بين العنف ضد الحيوانات و الإساءة للأطفال، و أيضا أشكال العنف الأخرى الموجودة في المجتمع، فإن الأطفال التي تمارس العنف ضد الحيوانات، عادة ما يكونون هم أنفسهم ضحايا للعنف البشري، و لكونهم لا يستطيعون الإنتقام من المسيئين البالغين الذين إعتدوا عليهم، فإنهم أطلقوا غضبهم و حاجتهم للسيطرة على كائنات أصغر و أضعف منهم.
إن نسبة كبيرة من المجرمين القساة قد بدؤا في طفولتهم بالإعتداء على الحيوانات ، و عندما كان رد فعل المجتمع هو مقولة ” الأطفال هم مجرد أطفال” و ” هذا مجرد حيوان” أو ” يوما ما سيكبرون و يتوقفوا عن هذه الأفعال” لم يتلق أي منهم المساعدة، لا الأطفال و لا الحيوانات، و بمجرد بلوغهم سن كافي تحول هؤلاء الأطفال إلى العنف ضد البشر.
قد يكون العنف و الإساءة للحيوان هي الإشارة الوحيدة لتحديد قاتل أو مغتصب المستقبل، فإن الصلة بين العنف ضد الحيوان و الأنسان تساهم بشكل متزايد في تعاون الشرطة الأمريكية و مؤسسات حماية الأطفال، و تنقذ حياة الكثيرين
في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، في حادثة شهيرة، عندما ما لم يحصل خريج من مدرسة للقانون على وظيقة فإنه بدأ في تعذيب القطط و صغار القطط، فقامت منظمات حماية الحيوان بإبلاغ الشرطة بعد علمها بالأمر، فأصدرت الشرطة تصريحا بتفتيش منزله، فعثر أفراد الشرطة على صور لستة سيدات في منزله و معها خطط مفصلة لعمليات إعتداء عليهن كما فعل مع القطط و صغارها، هؤلاء السيدات هم أحياء اليوم بسبب إدراك الشرطة ان العنف هو العنف مهما كانت الضحية، و قد إتخذوا أمر العنف ضد الحيوان بشكل جدي.
في دراسة تضمنت ٨٨٪ من العائلات التي وضعت تحت الملاحظة بسبب الإساءة إلى حيوانتهم الأليفة، يروي معظم النساء التي إلتحقت بملاجيء أيواء النساء، أن المعتدي عليهن قد قام بإيذاء أو قتل حيواناتهم الأليفة لرغبتهم في الإنتقام أو لإرهاب ضحاياهم نفسيا، و عادة ما يحدث ذلك أمام الأطفال، فالكثير من هذه النساء قد تأخرن في ترك المسيئين لهن لحماية حيواناتهم
قد يقوم المعتدون على الأطفال بإيذاء أو قتل أو إرعاب الحيونات لإرغام الأطفال في الإشتراك في الإعتداء الجنسي، أو لإجبارهم على الصمت و عدم الإفصاح عن الإعتداء الجنسي الذي تعرضوا له، و قد يقوم الأطفال المضطربين نفسيا بقتل الحيوانات تشبها بوالديهم، أو لمنع المعتدي عليهم من إيذائهم، أو للتعبير و التنفيس عن غضبهم المكبوت في ضحية أخرى أضعف.
إن الصلة بين الإعتداء على الحيوانات أو المسنين، أو العنف الأسري وثيقة جدا حتى أنه في عدد متزايد من الولايات المتحدة الأمريكية يطلب القانون من مسئول حماية الحيوان إذا دخل منزلا للبحث في بلاغ إعتداء على حيوان، ثم وجد طفلا في هذا المنزل عليه أن يخطر مسئولي حماية الأطفال للبحث في الأمر حتى و إن بدى هذا الطفل سعيدا و بصحة جيدة.
تدعيم المواجدة و التعاطف في الأطفال يحصنهم ضد العنف
أظهرت الدراسات أيضا أن التعليم الإنساني – التعليم الذي يعلم الأطفال المواجدة، والإحترام و التعاطف مع الحيوانات – عادة ما يتسبب في النهاية لسلوك إنساني تجاه البشر أيضا، إن تقديم على الأقل ٤٠ ساعة من التعليم الإنساني في العام الدراسي، يحدث تغييرا دائما في سلوك الأطفال تجاه الحيوانات ثم يعمم هذا السلوك ليشمل سلوكهم تجاه البشر أيضا عند بلوغ هؤلاء الأطفال
فقدان المواجدة و عدم تقدير مشاعر الأخرين هو ما يتسبب في جعل المجرمين يرتكبون الجرائم القاسية بدون الشعور بالندم أو الأسى، يؤكد علماء النفس أن تدعيم المواجدة عند الأطفال هو الأمر الأكثر أهمية بل الأمر الوحيد الذي يمكن أن نفعله لتنشئة أطفال بخلق عليا، من يبلغون لصنع مجتمع أكثر تعاطفا و حنوا، فإن الأطفال يتعلمون بسهولة المواجدة و التعاطف من خلال معاملة الحيوان – الكائن الأضعف أو الأصغر منهم و من يشعرون تجاهه بإنجذاب و مودة طبيعية.
إن مشاكل العنف ضد الحيوانات هي في الواقع مشاكل تخص البشر أيضا، فعندما يعتدى على الحيوانات يصبح البشر أيضا في خطر، سواء كنا نحب الحيوانات أم لا، فإن كانت رغبنا أن نحيا في مجتمع غير عنيف، من أهم الأمور التي يمكن أن نفعلها هو إحترام الحيوانات و تعليم الصغار أن يحترموا و يتعاطفوا مع الحيوانات، فإن تدعيم سلوكيات إيجابية تجاه الحيوانات يساهم بشكل كبير في تنمية مجتمع أكثر إنسانية و يحسن من جودة الحياة لكل الكائنات الحية.
إننا نهتم بمن و بما نحبه، و نتعلم هذا الإهتمام في عمر صغير، و نحن أيضا نتعلم أعراف ثقافاتنا و ثوابتها أثناء الطفولة و نعرف أيضا ما هي حدود إهتماماتنا هذه، هل نهتم فقط بالبشر أم أيضا بالحيوانات ، و الأشجار، و الأزهار، و كوكبنا، و كل شيء عليه؟ يلهم التعليم الإنساني الصغار لإكتشاف من و ما يهتمون به، و للنظر أبعد من الحدود الموضوعة للإهتمام، و لتعليم طرق العيش بهذه القيم، و هو بالحق العمل الوقائي الذي يمكننا القيام به لنحيا حياة حانية في بيتنا الكبير، كوكب الأرض.
فإننا نحن البشر قد صنعنا عالما يعاني من القسوة على البشر و الحيوانات، و تدمير البيئة، و إنحراف المجتمعات، لذلك عندما نتيح الفرصة للصغار أن يكتشفوا من و ما يهتمون به، و بتشجيعهم بتقديم خيارات تعبر عن هذا الإهتمام، ، يصبح التعليم الإنساني طريقة لكي يدرك الفرد أنه في ذاته هو أهم أداة للتغيير الإيجابي.
إن التعليم الإنساني ليس مجرد دوي إعلامي، أو دعاية وهمية، لكنه يمنح أطفالنا بيئة لإكتشاف و معرفة التأثيرات المختلفة في حياتهم اليومية، و لإختبار تأثيهم الخاص على كوكب الأرض، و يتيح لهم الفرصة لتحديد ما نطلق عليه “الآخر” و لإكتشاف كيف يمكن أن يزداد مدى شمولية دوائر تعاطفنا و إهتمامنا، فإنه من الممكن أن نهتم بكل أشكال الحياة، ليس فقط من نعتبرهم من عائلتنا أو أصدقائنا أو الحيوانات الأليفة المقربة لنا.
فإن أفعالنا اليومية لها تأثيرات تتجاوز فناء منزلنا بكثير، فإن التعليم الإنساني يلهم الجميع للنظر في جميع جوانب حياتنا على الأرض، مما يعني أن نختبر كل الطرق و الوسائل، ما هو تلقائي منها، و ما هو ليس تلقائي، التي تجعل إختياراتنا، كبيرة كانت أم صغيرة، تغيير العالم.